الإنسان الكوني: تشابه القلوب
من السهل أن تتم ملاحظة التشابه الظاهر المتعلق بالملبس والأسلوب. فيعزز الفرد ويكرس ويؤكد الشبه بينه وبين الآخر الذي يحسبه محترمًا بالنسبة إليه، وقد ينزعج من ذلك التشابه أو ينفيه في حال كان ذلك الشخص دونيًا بحسب تقديره. ولكن ذلك التشابه لا قيمة له تذكر في مسيرة الحياة إذا ما تمت مقارنته بالتشابه غير المرئي الذي يكون بين القلوب، والذي ينم عن حقيقة الفرد وتوجهه وتصنيفه الكوني. فالتاريخ والحياة اليومية مليئة بقصص لنماذج مختلفة من القلوب التي تحمل نقاء خير وشجاعة وهمّة، وأيضًا لنماذج من القلوب الملوثة التي تحمل ظلم وجشع وطمع وجبن وكبّر. وكل شخص معرّض لأن يتشابه قلبه مع نموذج من نماذج القلوب الملوثة في لحظات حاسمة قد تمتد إلى الأبد إن لم يع صاحبها المنزلق الخطير الذي قد يهوي إليه. ففي مقابل كل نموذج لقلب ملوث بقبح معيّن، هنالك نموذج يقابله لقلب سعى لأن يسمو ويخلق جمالًا في مسيرته لتنقية نفسه من ذلك التلوث بالتحديد. فتاكد من أنّك تصنع شبهّا بين قلبك وقلب نيّر في لحظاتك الاعتيادية والحاسمة.
يساعد على ترسيخ الوعي الكوني التدبر في الآية الكريمة: {وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(البقرة/۱۱۸).
وسؤال نفسك والطلب منها أن تأتي ببرهانها خاصة في اللحظات الحاسمة وتلك التي تكون فيها للمشاعر هيمنة: “ما هو النموذج الذي يوجد في قلبي شبه منه في هذه اللحظة، وما هو النموذج الأمثل الذي يمكن لقلبي أن يتشبّه به ويتناسب مع من أكون وما يريده الله لي؟”.🌷