دعاء

دعاء

 

يعيش حياة منهكة بأيّام شاقة طويلة ومفاجئات موجعة

حتى أشفق عليه من عرفه

وصنّفوه ممن اختارت لهم الدنيا شقاء لا ينتهي

فهو كمن يحاول انتزاع قُوته من فم أسد مفترس متربّص

ومع ذلك، ينغمس في العمل طوال اليوم دون كلل أو شكوى

ينظر لما هو فيه على أنّها صعوبات تمرّن عضلات صبره وعزيمته

وإنَّها نواقيس تُذكّره بأن يلمس بلطف حياة من حوله ويشكر خالقه

 

وحين يجنّ الليل… يذهب للنوم وهو يفكر في جديد يعطيه للعالم

ولا يفلح النوم بسلطانه أن يجبره على الاستسلام قبل ذلك العطاء

فكل ليلة يقرر أن ينام بقلب منشرح

ويبدأ بالدعاء لكل إنسان في الوجود يحمل في قلبه نقطة بيضاء

راجياً الله أن يُدخل نوره في قلوبهم ويذيقهم طعم قربه واستنشاق رحيق محبته

ويدعو الله ليُسهّل وعر الطريق على كل جائع وأسير وكسير قلب

وأن يعشعش الخير والإيمان واليقين في القلوب المترددة الضعيفة

ثم يدعو بأن يوفقه العزيز الوهاب لما يحب ويرضى، ومعه أهله وأصدقاؤه

والهداية لعمل الخير ليبصروا نور خالقهم في أحلك لحظات الظلام

 

وبعد ذلك ينام، وهو أوسع من جسده، وهمّة أصغر من أن يُخيفه

يرى نفسه في العالم، ويرى العالم في نفسه

وهو مُوقن بأنّ وجوده فاعل ومؤثّر

فيتّسع قلبه ليصبح أوسع من البحر وأعمق

فتبتعد عنه المشاعر المصاحبة للضيق

وترافقه تلك المصاحبة للرضا والانسجام.