تفضيل

تفضيل

 

يختار القطعة الأشهى على مائدة الطعام… وما المشكلة فكل القطع شهية

ويسرع للجلوس على الكرسي الأكثر راحة… فجميع الكراسي مريحة أيضاً

ويسبق للمكان الأوسع في السيارة… وما الفرق فالاختلاف بسيط

ويجلس في المكان المشرف على المنظر الأجمل… فالجمال نسبي

ويختار الألطف والأسهل حين يقوم بعمل مشترك مع الآخرين…

ففي رأيه كلّها أعمال تحتاج لإنجاز

 

لا يلاحظ الآخرون تفضيله لنفسه لصغر تلك الأمور ودقتها

أمّا هو، فيعلم ذلك عن نفسه ولكنّه لا يعلم ما يفعل ذلك به

ففي كلّ مرّة يفضّل نفسه على الآخرين، إنّما يتقلّص بداخله وينكمش

حتى ولو برّر ذلك لنفسه بإدارة حديث ذهنه بما يعطيه أحقّية التفضيل

ولو بذرّات صغيرة… تتراكم لتصبح تلالاً وجبالاً

تنمّي فيه روح الاستحواذ وترسخها وتجذّرها

فيضيع في متاهات نفسه

ويصعب عليه رؤية جمال الإنسان الذي بداخله وإخراجه للوجود

 

فلو اختار أن يُؤثر مَن معه على نفسه في هذه الأمور الصغيرة…

لما خسر شيئاً هامّاً

ولما ربح الآخر من ذلك الإيثار شيئاَ مهمّاً ملفتاً

ولكنّه مع كل إيثار سيعجن نفسه ببلسم إنساني عطر

يتعطّر منه العالم من حوله أيضاً.