الحفيظ
في حياتنا أشخاص نحبّهم… ونهتم لأمرهم
تدمع أعيننا لحزنهم… وتبتسم قلوبنا لفرحهم
نعمل ما نستطيع لنُبعد عنهم السّوء والأذى
ونودّ لو بنينا لهم بيتاً تحت جفوننا
لنحفظهم… وتكون أيامهم هانئة آمنة
وكلما رأيناهم… بحثت أعيننا في زوايا وجوههم
على أمل أن ترى فيها راحة وسعادة ومرحًا
ومع ذلك… نحن لا نستطيع أّن نحفظهم من أنفسهم
ومن الصور الموحشة التي يرسمونها في عقولهم
وعواقب نواياهم وأعمالهم
واستدراج الأيام لهم
وملاحقة صرخة مظلوم لاسترداد حق منهم
وخيبات ظنهم من أنفسهم
ومكرههم وهم آمنون من مكر الله بهم
فكلّ منهم يمسك مفاتيح حفظ نفسه بيده
والله حفيظ عليهم… وعلى ما يعملون
ولكنّنا… نستطيع أن نقوم بدور مهم لا ينتهي
لهم… ولغيرهم… وللعالم أجمع
بلا يأس أو كلل أو ملل
كأن ندعو لهم بقلب ليل
ونجتهد في أن نكون لهم قدوة فيما يستصعبون
ونلهمهم شوقاً لتغيير جوهري
ونساعدهم في فتح صفحة جديدة بيضاء
ونشجعهم ليُبصروا ألواناً مشرقة من الحياة
ونمسك لهم مرآة صغيرة…
يستطيعون من خلالها أن ينظروا انعكاساً لجمال عميق
مدفون بداخلهم أو مكبوت
غطّته الأيام بطبقات من الضعف واليأس
فنساهم في أن يتسرب الأمل في السعادة الأبدية إّلى كل ذرّة من وجودهم
ويعطيهم أملاً بأنفسهم… وبأنّهم قادرون
وأملاً بخالقهم… الذي يفرح برجوعهم إليه
ويحب أولئك الذين يمسكون شعلة النور في الظلام
ليهتدي بها شخص تائه
أو حائر بين الدروب
أو مسوّف لا يرى نهاية لشيء
علّهم يرجعون… ويُمسكون شعلة النّور ليحفّزوا آخرين
وبذلك… يُحفظ استمرار إلهام المحبة والخير
إلى آخر يوم من هذه الأرض