الجليل

 

الجليل
حاولوا معه كثيراً ليشاركهم الاختلاس
كلّ مرّة يأتون له من باب… ويسمعون منه ذات الرد
بأنه لا يمدّ يديه لما هو ليس من حقّه
فاتحدوا معاً واختلسوا
واستغلوا بساطته وطيبته ولفّقوا له تهمة رموه بها
زوّروا أوراقاً ومستندات تدينه
فتلبّسته التهمة كاملة… وهم خرجوا منها دون أن يرتاب أحد بأمرهم
وفي ظل فساد إداري وقضائي في منطقته
أغلقت الدنيا في عينه واسودّت

فتيقّن أن الظلم يحاصره من كل جانب
وأن لا مفر له ولا ملجأ ولا حيلة
وأنّه لا يمتلك أيّ وسيلة يثبت بها براءته ونزاهته
وازداد همّه همّاً… عندما عرف أنهم هددوا ابنته وأرهبوا ولده
شعر وكأنّ الجدران تضيق وتضيق… تضغط أضلاعه
وأن سقف السماء نزل حتى لامس رأسه
فانقلب حاله… وتدهورت نفسه
فما فائدة الحياة في عالم يسوده الظلم والجور
يُعفى المجرم فيه… ويُعاقب المخلص النزيه

وبينما هو غارق في سواد بحر أفكاره… لمح شعاعاً من نور
تذكّر اسم الجليل… ومعه أسماء الله الجلالية
فتواترت في ذهنه وردد بصوت عال بعض أسمائه
الملك، المنتقم، القهار، الرقيب، المهيمن، الجبّار، المتكبّر، المعز، المذل
الحكم، العدل، الحسيب، الشهيد، الحق، الوكيل، القوي
المتين، المحصي، المميت، المانع، القادر، المقتدر، المتعالي
فاستغشى كلّ وجوده إحساس بأنّه ليس وحيداً
وأنَّ الرحمن الرحيم معه… وهو قادر على كل شيء
وأنَّه توعد الظالمين يوماً ثقيلا… وهو لا يخلف الميعاد
وأنَّه ينصر المظلوم… ولو بعد حين
فخرّ ساجداً بعين دامعة… وقلب مبتسم
سكنت نفسه… وخشع قلبه

وشعر بخيط من نور أوصله لخالقه… يراه لأوّل مرّه
وفتحت نافذة في قلبه على عالم جميل لم يألفه من قبل
فاستشعر سعة في نفسه… ورأى جمالاً في باطن شر أحاط به
فسخّر ارادته واستدعى همّته وحارب من أجل براءته
متوكلاً على خالقه
ومستمداً قوّة وعزماً وأملاً وانشراحاً من النسيم الذي يأتيه من تلك النافذة
ومتمسكاً بحبل النّور الذي رأى تلألؤه في قلبه
فعبر جسراً… وأصبح على ضفاف شاطئ آخر
تتساقط فيه قطرات من مطر
ابتلّ بها قلبه… وأصبح أكثر جمالاً وأعمق سلامًا

همچنین ببینید

الماء أكثر عناصر الكون نقاء وشفافية،

الماء أكثر عناصر الكون نقاء وشفافية، وهو أساس الحياة ودونه الموت، ولنستعد للصلاة التي هي …

تبدأ سعيك منذ الصباح،

تبدأ سعيك منذ الصباح، لتبحث عن رزقك وإثبات ذاتك، وتريد أن تحصل على ما تستحق …

يُقيم المؤذّن الأذان عدّة مرّات في اليوم،

.يُقيم المؤذّن الأذان عدّة مرّات في اليوم، يخاطب الإنسان في الوجود، أن قِف… قف مكانك …

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *