الكريم

الكريم
في ذلك اليوم الذي احتجّت الملائكة بعد خلق آدم
حين قال لهم الرحمن إنّي جاعل في الأرض خليفة
لم تكن الملائكة تُدرك معنى المقام الكريم
ذلك الذي سيُعطى لهذا الخلق الجديد
ولم يعلموا بأنه يحمل نفخة من روح الرب
فهذا لم يكن مألوفاً لديهم
فاعتقدوا أنّ تقديسهم هو الأسمى

فأنّى لهم أن يعرفوا ما لم يحيطوا به علما
بأن هذا الّإنسان…
يستطيع أن يستشعر حباً وعشقاً حقيقياً للواحد الأحد
ويُسخّر حياته طوعاً… ويبذل كل ما يعزّ عليه للفرد الصمد
ويكون وجوده كتلة خير… تطبع بصمة خالدة في الوجود
ويقهر رغبته مع إمكانية تحققها… حين تُغضب المنتقم الجبّار
ويوصل إرادته بإرادة خالقه… فيصبح لا يريد إلا ما يُحب العزيز الجليل
ويكون له قلب كبير… يتسع للدعاء بمحبّة لمخلوقات الرحمن الرحيم
فحين عرفت ذلك… أقرّت بأن سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا
فأمرهم بالسجود له… فسجدوا إلا إبليس
سجدوا لتلك النفخة التي أُودعت بذلك الإنسان
وأعطته شأنًا أعلى منها… وهي التي لم تعرف غير التقديس والتسبيح

وحين انطلق ذات الإنسان في دار الامتحان ليختار نهايته
قليل منهم تذكر… وكثير ما لبث أن نسي
فأصبح يتذكّر وعده لصديقه… وينسى وعده للكريم
ينزعج من نظرة غير مبالية… ولا يبالي بأنّ البصير يرى ما يفعل ويقول
يعمل ليدخر ما يؤمّن به مستقبله…
وينسى أن المستقبل أبعد بكثير من أنفاسه في هذه الدنيا
ولتأمين ذلك المستقبل… عليه أن يكون فلاحاً
يبحث عن أرض خصبة ليزرع فيها خيرًا وصلاحًا وإصلاحًا
ولو كانت تلك الأرض صغيرة… بحجم بذرة واحدة
فيحرث الأرض… ويزرع البذرة
ثم يرويها
حتى ولو لم يحصل ماء لريها… غير دموع عينيه

فإن عمل على أن يعيش متناقضاً مع غاية خَلقه
قد لا يكون مفر من سؤاله يومئذ
يا أيها الإنسان… يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ؟
ولكن… إن نظر لنفسه كلّ صباح
وذكّرها بأنها كُرِّمت بحمل تلك الروح الربانية
واختار لتلك الروح بأن تكون هي منطلقه لبدء يوم جديد
قد يُستبدل ذلك السؤال في اليوم الموعود… بسؤال آخر
أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ
فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم

همچنین ببینید

الماء أكثر عناصر الكون نقاء وشفافية،

الماء أكثر عناصر الكون نقاء وشفافية، وهو أساس الحياة ودونه الموت، ولنستعد للصلاة التي هي …

تبدأ سعيك منذ الصباح،

تبدأ سعيك منذ الصباح، لتبحث عن رزقك وإثبات ذاتك، وتريد أن تحصل على ما تستحق …

يُقيم المؤذّن الأذان عدّة مرّات في اليوم،

.يُقيم المؤذّن الأذان عدّة مرّات في اليوم، يخاطب الإنسان في الوجود، أن قِف… قف مكانك …

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *