المجيب

المجيب
بَنَت العصفورة عشاً على الشجرة
جمعت كل قطعة منه بأمل لمستقبل مشرق
وضعت بيضها وهي مبتسمة منشرحة
مرّت الأيام وهي ترقد على بيضها
وعندما بدأ بالفقس… وسمعت صوت صغارها ورأت ملامح ريشهم
ارتجف قلبها خوفاً عليهم
فدعت بكل وجودها ليحفظهم الله… ويبعد عنهم كل مكروه
وبينما كانت تستعد لتذهب وتأتي لصغارها بطعام
هبّت ريح قوية… هزّت عشّها وأسقطته
وسقط معه صغارها
فانتشلتهم من على الأرض… ووضعتهم في زاوية آمنة
ثم بنت عشها مرة أخرى… ولكن دون لحن ولا أغنية
حزنت… وبعدها صمتت وصمتت وصمتت
لم تغن… ولم تكلّم صغارها
ضجّت من صمتها الأشجار والأزهار
فهم عاشوا معها حلمها وألحانها وأغانيها

فحدثتها شجرتها…
أن علام حزنك؟
ألم يكن دعاؤك حفظ صغارك؟
فها هي الرياح أسقطتهم من مكانهم
قبل أن يصل إليهم ذلك الثعبان الذي التف حول جذعي
واحتضنتهم أوراق الخريف على الأرض
وأعطتك الطبيعة ما تحتاجين لتبني عشّاً جديداً
فليت من يدعو… يثق أيضاً بالرؤوف
ويتوكل على الحق
ويتيقن…
بأنّه سميع… يسمع الدعاء
وأنَّ وعده… ادعوني أستجب لكم
وأنّه صادق الوعد

فلو فهم عقله ذلك وتشربه قلبه
سيقوم بما عليه أن يقوم به… بنفس منبسطة
وقلب مبتسم مشرق
ويتعامل مع الأحداث كحلقة من سلسلة الحياة
وليس كسلسلة الحياة كاملة
فحين يضع كل الحلقات معاً
سينبهر من جمال هذا العقد الذي صنعته حلقات السلسلة
وسيعرف بأنّ المجيب استجاب دعاءه
ولو بعد حين
ولو بهيئة لا يعرفها
ولو بمنحى يبدو معاكساً لما دعا
فالسميع برحمته… يستجيب لعباده بحكمته