زمزمه عـرفان مطالب تربيتي، عرفاني و اخلاقي و كتاب‌هاي سركار خانم طاهره سادات زرگرمرادي
الواسع
نامت زهرة عباد الشمس قبل الغروب
ولم تودّع الشمس قبل أن تغيب مثل كل يوم
استيقظت وكان الظلام قد حل
أخذت تبحث عن معشوقتها
فرفعت رأسها إلى السماء… فلم ترَ الشمس
ولكنّها رأت نجمة لامعة واقفة ببهاء
فغمزت لها النجمة علّها تجتذبها
فنزّلت رأسها ولم تهتم لها
وكلّما رفعت رأسها بحثا عن محبوبتها… غمزت لها النجمة مرة أخرى
وبعد أن أيقنت أنّ عليها الانتظار حتى الصباح
قررت أن لا ترفع رأسها حتى تحين ساعة اللقاء
لم تنم زهرة عبّاد الشمس تلك الليلة بانتظار الفجر
وكان بجانبها فلاح الحقل يراقبها
فقال لها… كم أغبطك أيتها الزهرة الصفراء
إنّي لسنوات أريد أن أكون كما أنت… لربّ أحبّه
ولكن غمزات الدنيا تجذبني وتلهيني… وأنسى ما كنت أبحث عنه
وما ألبث أن أتذكر… حتى أنسى مرة أخرى
وهكذا أمضي أيامي
أريد شيئاً… وأمضي في شيء آخر
لي ربّ… لا يغيب عنّي ليلاً ولا نهاراً
بل أنا الذي أغيب
هو موجود في كل مكان وزمان
واسع… أوسع من الخيال حين يجول في معنى هذه الكلمة
محبته تسع كل شيء… حتى أولئك الذين لا يحبونه
يرسل لهم من يدلّهم عليه… ويناديهم له
إن خطوت خطوة صغيرة تجاهه… فتح لي أبواباً وأبواباً
كل باب منه يوصلني إليه من جهة
تري عيني إشاراته ويسمع قلبي نداءه
ولكني بدل أن أفتح الباب وأدخل وأمشي
تعجبني تلك الأبواب… فأنشغل بها وأنسى أن أفتحها
ثم يميل قلبي لسماع إشارات من آخرين… ليس لهم صلة بمن أحب
كتلك النجمة التي غمزت لك
فأذهب في طريق آخر
آه لو تعلمين ماذا لو فتحت الباب ودخلت
فإني أرى عجباً وعجباً
أستشعر إنّي أوسع من حدود الكون
وتدخل آثار سعته في قلبي
فأكون كالبحر… لا حدود لطاقتي على الصفح والعفو
وتمر لحظاتي وأيامي محمّلة بالهدوء والسلام
ويتسع قلبي لمحبّة كل من خَلق… أينما خَلق
وتُفتح نوافذ في قلبي
استشعر من خلالها نسيم قرب… وكأني قطرة في بحر عميق
استطيع معها أن أسمع همسات تسبيح الكون
فلا يكون للحقد والحسد مكان بداخلي… كيف وقلبي منشغل بما يرى؟
وأُحسن الظن بخالقي… فلا يرتعش قلبي خوفاً من شيء أو أحد
ولأن مَثَل عطاء ربي لمن أنفق في سبيله…
كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ
وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لمن يشاء
أدعو وأعمل لأن أنفق في سبيل حُبّه… وأكون ممن يشاء
فلا تعرف روحي الفقر بعدها أبداً
ويصبح وجودي مُلهماً للناس ليسألوا الكريم من سعته ورحمته
فأكون سعيداً منشرحاً متفائلاً مُحبّاً عطوفاً
وأنشر السعادة والانشراح والتفاؤل والمحبة والعطف
ولكن أيَّتها الزهرة العاشقة… علي أن أتعلم العشق منك أولاً