المحصي
سافر صديقان معاً
اتّفقا على أن يحمل كل منهما كيساً في قلبه
يجمع فيه كل شيء مُلفت يراه في طريقه
ثم يحصوا ما جمعوا
فيفوز من جمع أكثر عدداً
وبعد أن جالا معًا… رجعا
نثر كل منهما ما لديه… ليحصوا ما جمعوا
فاستغرب كل منهما مما رأى من حصيلة الآخر
فالأول… كان يحمل قطعًا ملوّنة جميلة
بأحجام وأشكال مختلفة
والثاني… قطعاً مشوّهة
داكنة مرقّطة… بألوان قاتمة
ليس فيها تناسقاً ولا انسجاماً
فسأل مندهشاً: مشينا معاً في طريق واحد
لماذا لم أصادف في طريقي ما جمع رفيقي؟
فأنا جمعت كل ما وقعت عليه عيني… وما رأيت مما لديه شيئاً
فسمع جوابه…
بأنَّ الإنسان لا يرى إلا ما يُريد أن يرى
فمن يحصي القبيح… في عمل وهيئة وخُلق وسلوك
لا يلقى إلا قبحاً… ولا يجمع إلا قبحاً
ولا يحمل إلا قبحاً
ومن يحصي الجميل… في عمل وهيئة وخُلق وسلوك
لا يلقى إلا جمالاً… ولا يجمع إلا جمالاً
ولا يحمل إلا جمالاً
فالإنسان لا يحمل إلا ما يجمع
فلا تكن ممّن يعمل على أن يُحصي أخطاء الناس…
وما لا يعجبه
وأيَّ خدمة قدّمها لأحد
وأيّ عبادة قام بها
ولكن كن ممن يحصي أخطاء نفسه…
وبركات حياته
ونِعم خالقه
والجميل من حوله
فالمحصي يحصي كلَّ ما في الوجود عدداً
فخذ قبساً منه… بأن تعيش لحظات حياتك
تحصي كلَّ ما يُذكِّرك بالمعشوق… ويقربك منه
فتتنعم روحك بعطره وذكره
فيحمد قلبك كلَّ شيء مبتسماُ
وكيف لا… فهو لا يرى إلا جميلاً