في خضم انشغالاته في الحياة

في خضم انشغالاته في الحياة، لا يرى لنفسه فرصة التركيز على من يكون وما هو موقعه في هذا الوجود، فلا يشعر بالسكينة والسلام بداخله. فهناك الكثير من الأسئلة التي تدور في خلده خاصة عندما تقسو عليه الحياة، وتكون أوقاته مزدحمة بروتين الأعمال اليومية والمشكلات الحياتيّة والتحسّر على الأمنيات الفائتة وصعبة المنال. ولأنّ تلك الأسئلة لا تلقى انتباهًا منه في معظم الأحيان، فهي فتبقى عالقة بداخله. فتصبح أكثر إلحاحًا، إلا أنّ صوتها يخفت شيئًا فشيئًا إذ لا سامع لها.

فصاحبنا يبحث عن السكينة والسلام بداخله، ولكنّه يسلك طريقًا معاكسًا لهما في تركيزه واهتماماته وتفاصيل حياته. فيزداد تشتتًا وتوترًا وغربة عن نفسه وفي نفسه.

 

ولكن الدنيا بلطف من الله ومنّه لا تخلو من الساقين. أولئك الذي اختاروا بوعي أن يحملوا أباريق القيمة الكونية يسقوا فيها تلك الأرواح العطشى لتنتعش، وتتصل بأصلها “وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي”.

 

 

فلك أن تطرق باب قلبك وتهديه شذرات من جمال الساقين

وتحدّثه بأنّ الخلق وكل ما في هذا الكون هو من أجل ارتباط الروح بأصلها.

 

وبأنّ هناك أرواحًا أُهملت وهُمّشت من أصحابها فصارت عطشى للوصال

وأكثر ما يروي تلك الأرواح المنهكة هو تذكر أصحابها بأنّ لهم قيمة كونيّة عميقة

 

والقيمة الكونيّة لا تزدهر من نسب وجاه وشهادة ومهارة وامتلاك، بل بمدى هيمنه الروح على القلب والعقل وقيادتها لهما.

 

 

فامسك أنت أيضًا ابريقًا وكن ساقيًا علّ روح عطشة تلتقط قطرات منه فتنتعش

ولكي تكون ساقيا، عليك أن تمتلك شيئًا مما تريد أن تسقي منه

 

فاختر لنفسك ثوان قليلة، مرَات عديدة كل يوم… وتوقف

افصل نفسك في تلك الثواني عمّا يشغلك… فقط بعدد تلك الثواني القليلة، وشارك عقلك وقلبك في تأمّل قيمتك الكونيّة ومعنى وجود روح من الله فيك

وفي تلك اللحظة بالتحديد… فكّر كيف لك أن تكون ملهمًا لهذه الحقيقة

 

والتي هي أعظم حقيقة في حياة الإنسان على الإطلاق

وهي أكثر حقيقة مجهولة مهملة في حياة الإنسان على الإطلاق

فكن أنت من يساهم في ري تلك الحقيقة الأجمل على الإطلاق.🌷