خانه / مناجات الحکم / خط الزمن…

خط الزمن…

خط الزمن…

 

اللحظة هي الزمن الوحيد الذي نمتلكه ونستطيع التصرّف فيه، فما قبلها قد ذهب إلى غير رجعة، وما هو آت غير مضمون حضوره، وغير معروف ظرفه إن حضر. ومع ذلك قد تمضي أكثر لحظات أعمارنا إمّا في تذكّر أحداث الماضي والتفاعل معها، أو في التفكير بما هو آت والتمنّي أو الخوف أو القلق فيما يتعلّق بما نحب ونحذر وبين هذا وذاك، تضيع اللحظة.

 

فلو رجعنا لأيّامنا وسنواتنا الماضية، وتأمّلنا الأوقات التي انصرمت ومشاعرنا فيها، من الممكن أن نكتشف بأننّا قد علقنا في حقب زمنيّة سابقة، لم نستطع تخطّيها، وكلّ ما يتغيّر مع السنين من حولنا ما هو إلا حلقات تدور في فلك تلك الحقب بالنسبة إلينا. ومن الممكن أن نكتشف أيضاً أن لدينا مخاوف جوهريّة بداخلنا، قد تكون مغمورة حتى عن وعينا، ولكنها متغلغلة في أعماق أفكارنا، فنجبر عملية التفكير لدينا أن تسير من الطريق الذي يضمن لنا الابتعاد عن تلك المخاوف حسب تقديرنا، وليس من الطريق الذي يؤدّي بنا إلى النهاية التي ننشدها لأنفسنا.

 

وحين نعيش لحظتنا في المكان الذي علقنا به من الماضي، فإنّنا نعيش هذا الزمن بمشاعر الزمن الذي علقنا به، والتي غالباً ما تدور حول مشاعر قريبة من المسكنة أو الغضب. وعندما نعيش لحظتنا في المستقبل، فغالباً ما يشوبها التمنّي أو الخوف أو القلق مما نحذر. وقد نتأرجح بين الحياة في الماضي والمستقبل، أو نميل للركون إلى إحداهما، وفي كلتا الحالتين، فإنّنا نغرق في الأفكار والمشاعر والمعاني المستوحاة منها، ويصبح من الصعب على عقولنا وقلوبنا أن تقرأ الواقع، وتفهمه وتحلله بشكل صاف بعيد عن الوهم، لتقرّر وتتصرّف بناء عليه.

 

إنّ السعي والعمل الواعي الذي يصب في الغاية النهائيّة التي يختارها الإنسان لنفسه، والتي يحملها معه لتلك الدنيا، لا يمكن أن يكون إلا في اللحظة الحالية، فهي الوحيدة التي بين أيدينا ونستطيع التصرّف بها لفرض الواقع الذي نريد، والذي من خلاله نصل إلى النتيجة والنهاية التي نرغب. فالماضي للتعلم والعبر والمستقبل للطموح والأمل، والذي لا يمكن أن يتحقّق إلا من خلال العمل في الآن واللحظة. فالتدريب على سؤال نسأله أنفسنا بانشراح كلّما استطعنا أّن نجعل الوعي حاضراً: ما هو أفضل ما أستطيع القيام به الآن في ظل الظروف والمعطيات الموجودة لدي لكي أصل للنهاية التي أرجو؟ هذا السؤال يساعدنا في منح اللحظة الحياة واستثمارها، وأن نركّز فيما يجري لنا وما يدور حولنا في تلك اللحظة، وبذلك نزيد قدرتنا على فهم أنفسنا ومجريات الأحداث فهماً واقعيّاً بعيداً عن الوهم، والأجمل، أننا نوسع مدارك قلوبنا لملاحظة النفحات الإلهيّة والإلهامات الربّانيّة التي كثيراً ما تكون حولنا ولكنّنا قد لا نستطيع تلمّسها أو الإحساس بها أو استطعامها نتيجة انشغال أذهاننا في أزمنة بعيدة عن وقت تواجد تلك النفحات والإلهامات.

 

همچنین ببینید

الماء أكثر عناصر الكون نقاء وشفافية،

الماء أكثر عناصر الكون نقاء وشفافية، وهو أساس الحياة ودونه الموت، ولنستعد للصلاة التي هي …

تبدأ سعيك منذ الصباح،

تبدأ سعيك منذ الصباح، لتبحث عن رزقك وإثبات ذاتك، وتريد أن تحصل على ما تستحق …

يُقيم المؤذّن الأذان عدّة مرّات في اليوم،

.يُقيم المؤذّن الأذان عدّة مرّات في اليوم، يخاطب الإنسان في الوجود، أن قِف… قف مكانك …

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *