خانه / مناجات الحکم / الإحاطة بالمعرفة…

الإحاطة بالمعرفة…

الإحاطة بالمعرفة…

 

كثيراً ما نعتقد بأنّنا نعرف ما هو الوضع الأمثل للأمور التي تتعلّق بنا، وما هي الأوضاع الأفضل لحالنا ومستقبلنا، لذلك نضع سيناريوهات مختلفة لما نريد أن تكون عليه الأمور، وتؤول إليه الأحداث، وسيناريوهات مختلفة أخرى لما لا نريد أن تكون عليه الأمور، وتؤول إليه الأحداث، فنرى في ذلك خيرنا وصلاحنا. ولذلك فإنّنا نادراً ما نحيد عن ذلك الاعتقاد، بل وقد ندافع عنه دفاعاً مستميتاً، وتظهر علينا علامات الضيق والقلق، وربّما الجزع، إذا بدأت بوصلة الأحداث بالانحراف عمّا كنّا نأمل.

 

يستند هذا الاعتقاد، ولو دون وعي، على أنّنا نمتلك الحقيقة الكافية، أو ربّما الكاملة، لأيّ وضع أو حدث، وأنّ لدينا إحاطة بكافة الأمور المؤثرة، والأفراد ذوي العلاقة بذلك الوضع أو الحدث، وواقع الأمر أنّنا نجهل الكثير من الحقائق في كلّ شيء، مهما بدت لنا الأمور واضحة، فما لا نعرفه أكثر بكثير مما نعرف، وجهلنا يزداد شدّة حين يتعلّق الأمر بالمستقبل وما هو صلاح لنا فيه، فمهما تنبأنا وتصوّرنا ما نعتقد أنّه يكون السيناريو الأفضل للوضع المستقبلي، فهو لن يخرج عن كونه مبنيًا على المعطيات التي نمتلكها اليوم، وقد لا تكون صحيحة أو كاملة، وإن كانت، قد تتغيّر تلك المعطيات مستقبلاً فيصبح ما يبدو أنّه الوضع الأفضل ليس كذلك.

 

ولو أخذنا ذلك على المستوى الأبعد، في النتيجة النهائيّة لحياتنا، صحيفتنا التي سنذهب بها من هذه الدنيا، فالأمور تختلف كثيراً؛ لأنّها تكون أكثر عمقاً وتشعباً، فما يبدو أنّه رفاهية أو راحة أو متعه، ليس بالضرورة أنّه يمهد لنا الطريق للرفاهية والراحة والمتعة في تلك الدنيا، وما يبدو أنّه ألم وعذاب وأذى، قد يكسّر بقسوته الأحجار التي تعيق طريقنا لكي نكون الّإنسان الذي يستطيع في تلك الدنيا أن يحظى بمقام كريم وصحبة كريمة.

 

ويبقى الإنسان جهولاً، ولا يعلم الغيب ولا كيف سيكون يومه التالي فما بال مسيرة حياته وعاقبته وما سيُنسخ في صحيفته، فيداهمه الخوف والقلق من كلّ ما يعتقد بتفكيره العاجز أنّه مكروه، ويملؤه الشوق والأمل لكل ما يتصوّر أنّه خير وصلاح، وقد يكون متأرجحاً بين وهم ووهم. وللإنسان مخرج جميل من ذلك، يشعر فيه بالانشراح في قمّة إقراره بجهله، فما عليه إلا الأخذ بالأسباب وعمل ما يستطيع عمله بما يراه صلاحاً بعد تفكّر وتأمّل، ويتوكّل على الله تعالى، الذي وسع كلّ شيء علما، ليهديه إلى ما فيه خيره وصلاحه، وليس لما يرى هو أنّه خيره وصلاحه، ويزداد جمالاً لو دمج التوكّل مع التأمّل باسم الله “السلام”، فهو بذلك يساهم في استقرار السلام في نفسه، فيستطعم شعور الرضا، وربّما يسمع قلبه يتحدّث لغة بها نغمات جميلة في الأوقات الصعبة.

 

همچنین ببینید

الماء أكثر عناصر الكون نقاء وشفافية،

الماء أكثر عناصر الكون نقاء وشفافية، وهو أساس الحياة ودونه الموت، ولنستعد للصلاة التي هي …

تبدأ سعيك منذ الصباح،

تبدأ سعيك منذ الصباح، لتبحث عن رزقك وإثبات ذاتك، وتريد أن تحصل على ما تستحق …

يُقيم المؤذّن الأذان عدّة مرّات في اليوم،

.يُقيم المؤذّن الأذان عدّة مرّات في اليوم، يخاطب الإنسان في الوجود، أن قِف… قف مكانك …

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *