حاجة ورزق
بالرغم من كل ما يمتلك إلا أنّه يشعر بالكثير ينقصه
يتعرف على نواقصه من خلال ما يمتلك الآخرون وليس من خلال احتياجاته
فما أن يلمح شيئاً لدى أحد حتى يشعر بالحاجة الملحّة لذات الشيء
فهو مؤمن بأحقيته على غيره في الممتلكات والتفوّق والنجاح والجاه و…
شعوره بالنقص متجدّد دوماً، ذلك لأنّ ما لدى الآخرين متجدّد دوماً أيضاً
مؤمن هو بأنّ هناك خطأ أو ظلماً ما ساهم في تملّك الآخرين دونه
فينشغل في كيفية حرمانهم، وليس الوصول لما يريد بالإرادة والعمل
ولأنّه يعرف بداخله أنّ الحسد شيء منبوذ وقبيح…
يتحايل على نفسه بطرق ملتوية متنوّعة ليوهم نفسه بأنّ ذلك ليس حسداً
كأن يُقنع نفسه بأنّه أولى من غيره لقدرته على التقدير والاستثمار الأفضل
ولكن أصل مشكلته تكمن في اعتقاد منحرف معوجّ معقوف…
بأنّ ما لدى الله لا يكفي له ولغيره
ولأنّ عطاء الله للناس لا ينتهي… كذلك هي معاناته
فيعيش متحسراً ينازع رغبته في محو ما لدى الآخرين
وربما محوهم من خارطة الحياة أيضاً
ولو تأمّل خالقه بصدق لتيقّن بأنّ ما لدى الله لا ينتهي ولا ينضب
سبحانه، لا يشغله عطاء عن عطاء ولا رزق عن رزق
فيرى نفسه جزءاً من المنظومة الإنسانية، ويفرح لرزق أي فرد منها
ويتقلّص الحرص والشعور بالنقص والإحساس بالقلّة في نفسه
ويتوجّه قلبه وعقله لتعميم الخير للجميع دون تخصيص لذاته
فيعيش حالة إنسانيّة راقية تمضي به نحو السلام والانسجام الكوني.