مزاج

 

مزاج

 

يستيقظ من النوم وهو لا يعرف إن كان مزاجه نشطاً مستبشراً أو كئيباً بائساً…

أو ربّما متأرجحاً بين الحالين

فمزاجه في يومه متقلّب يعتمد على ما يُصبح عليه

وقد يتغيّر بناء على الظروف والأحداث، وكلمات وتعابير وجوه الآخرين

وبناء على مزاجه تتأثر المعاني التي يعطيها للأحداث وظنونه ونظرته للناس

وكذلك صبره وتحمله وإبداعه وتركيزه ومرونته وعطائه وخُلقه و…

 

فإن كان مزاجه جيداً، استطاع أن يساعد الآخرين ويمنحهم لمسة إنسانية

وإن لم يكن مزاجه جيداً، صعب عليه أن يُعطيهم شيئاً

فهم غائبون عن نظره في عتمة ضباب مزاجه

ومع ذلك قد يختار أن ينقل لهم مزاجه ومعه العبوس بداخله

أو يهديهم كلمات باردة أو أخرى محمّلة بالتذمّر والنفور

وإن بحثوا لديه عن بصيص أمل لن يحصلوا سوى على نظرة لا مبالاة تائهة

 

فلا يمكن الاعتماد عليه لأنّه هو ذاته لا يستطيع التنبؤ بما سيؤول إليه حاله

فمزاجه ككتلة هلامية تسيطر على كيانه وتؤثّر على إرادته وعمله وخُلقه

لا يعرف كيف تتبلور تلك الكتلة ومتى تُهيمن ولا أيّ صبغة ستأخذ

فهو غارق في نفسه، وما تعامله مع الآخرين إلا انعكاساً لما بداخله

والذي يخفق هو نفسه في فهمه وتحديده

 

فمن يتأثر فكره وفعله بما لا يُدرك يصعب عليه إدارة حياته وأفكاره

فكيف له بإدارة أمور هذا العالم الذي به ظلم وصراع عميق بين خير وشر؟

فهو بمزاجيته يخسر جزءاً مهمّاً من وجوده الإنساني

وتفوته محطات هامّة لحفر بصمته الإنسانية

 

ولو تمكّن من لجم مزاجه لاستطاع أن ينظر لتلك المحطّات

ويقيّمها ويبذل ما بوسعه ليحفر فيها بصماته

وتكون له القدرة على اختيار ما يريد أن يكون عليه والوصول إليه

وتجربة خبرات إنسانية متجددة على الدوام.