خوف

 

خوف

 

يعتقد بأنّه لا يخاف إلا من الله في حين يسكن الخوف زوايا قلبه

فهو يخاف من غدر الزمن ومن بطش الظالم وحتى من ترقية زميله

ومن استقلال أشخاص أعزاء وتقليص اعتمادهم عليه

ومن قرب نفاذ مال أو جاه أو مكانة أو أي شيء

ومن سلب حقّاً له أو خسارة فرصة تفتح له باب خير

ومن نسيانه في الحياة وتهميشه وحرمانه مما يحصل عليه الآخرين

 

وهذا الخوف يجعله يعيش الفقدان والتوجّس والشعور بالتهديد

فيمنح المؤثّرين في مجالات مخاوفه مقاماً رفيعاً ويعطيهم أحجاماً كبيرة

فيوجّه جلّ انتباهه لحركاتهم وسكناتهم، ويعوّل عليها

فميزان خوفه يتغيّر بناء على تصرّفهم وعلى علامات يقرؤها في وجوههم

فيصبحون له بمثابة آلهة صغيرة وكبيرة

يرى فيهم القدرة على إعطائه الخير ومنعه

ويغفل، بأنّ ما يصيبه من خير أو شر لا يكون إلا بإذن الله

وما يعتبره شراً قد يبطن خيراً، وما يبدو خيراً قد يبطن شراً

وذلك لن يتغيّر بتغير الأشخاص الذين يتعامل معهم

“وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ

يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ”

 

فواجبنا أن نقوم بأفضل ما يمكننا دون تسويف أو إهمال ونتوكّل على الله

فحتى لو تسبب لنا آخرون بمكروه أو أذى، فنحن بعين الله

يرى ويعلم كيف يمكن لما أصابنا أن يكون باباً لتطورنا الإنساني

فحينها تجف جذور الخوف وتُستبدل بالسكينة والإيمان

ونتمكّن من استثمار تفكيرنا بما يساعدنا على حمل الرسالة الإنسانية

فتكون مجريات الحياة فرص للتطوير وليس مصادر للتهديد

ونكون نحن مصادر لإلهام نور وتحفيز لخير.