كذب
لا يحب الكذب وينزعج منه خاصة إذا كان موجهاً إليه
فهو يشعر بأنّ مَن كذب عليه قد استخفّ به وقلل من شأنه ولم يحترم عقله
ولأجل ذلك هو لا يكذب إلا في أمور يراها بسيطة فرعية
كأن يعتقد أنّها تنجيه من ورطة أو منزلق أو سوء فهم
أو تزيّن صورته أو تجعل كلامه أكثر متعة وإثارة
ففي رأيه هي لا تتعدى كونها كذبات صغيرة لا ضرر منها
ومع ذلك، فكثيراً ما يشعر بالحيرة من نظرته لنفسه ولغيره
فكل كذبة تنزله في نفسه درجة ولو غلّفها بقيم ودوافع تبدو جميلة
وحين يكذب شخص، لا يعد يحمل له ذات المكانة السابقة
فالكذب خداع وتحريف لواقع وتشويه وتزوير لحقيقة
وكل تزوير وتشويه هو خيانة بحق الإنسانيّة
فقد يبدو هذا التشويه صغيراً ضئيلاً ولكنّه ربما يكون محوراً لقرار شخص ما
فمن يرى حقيقة ما مشوّهة قد يرى العالم مختلفاً
وقد يصعب عليه أن يضع كل شيء في مكانه الدقيق ليتصرّف بناء عليه
والعالم يعج ببحار من الكذب الذي يُراد منه إغواء أو تسلية أو مصلحة
ولا سبيل للنجاة سوى البعد عن الكذب
وأهمّها الصدق مع النفس
فلن نستطيع الصدق مع الآخر إن أخفقنا في الصدق مع أنفسنا
فقد نستبدل مسمى الكذب على أنفسنا بشيء جميل ونمضي به
فتتشوّش الرؤية لدينا، ونخلق لأنفسنا صوراً لما نهوى وليس لما هو واقع
وتختلف معطياتنا للأمور ونتائجها ووزر تبعاتها
فدهاليز الكذب تقبع في الشقاء
في حين أنّنا خُلقنا لنمضي في طريق السعادة والسلام.