أصاب رجل هوس أكل الطين، فكلّما رأى طينًا أحبّ أن يأكله.
ذهب الرجل يومًا للعطّار ليشتري سكّرًا، فقال له العطّار: لديّ سكّر ولكن ليس لديّ حجر للميزان، فأزٍن بقطة طين تعادل الحجر المعتاد للوزن، هل لديك مانع؟
قال الرجل وهو فرح لما يرى من طين: لا يهم ما تزن به طالما ستعطيني السكّر بما يتناسب مع المال الذي أعطيك.
ذهب العطّار لنهاية الدكّان ليجلب السكّر من الجرّة، ولمح الرجل يلتفت نحوه ليتأكّد من أنّه لا يراه، فيأخذ قطع من الطين ويأكلها فرحًا بطعم الطين، والأهم بما يرى من قدرته على خداع العطّار الذي لا يعرف بأنّه يأكل الطين.
لمح العطّار بطرف عينيه ما يفعل الرجل، وأطال بقاؤه عند جرّة السكّر عمدًا حتى يكثر الرجل من أكل الطين. وقال في نفسه: تعتقد بأنّك خادعني، ولكنّك عندما ترى كميّة السكّر التي ستحصل عليها في النهاية، ستعرف مَن كنت تخدع، نفسك أو أنا.
وهذا حال الإنسان في الدنيا، ينهال على متاع الدنيا الذي لا ينفعه سوى في الراحة والمتعة الوقتيّة، ويستخدم الحيلة تلو الحيلة ليحصل على أكبر قدر منها، وهو لا يدري بأنّ كل شيء ينشغل فيه من ذلك، فهو في المقابل يخسر ما هو أصلي وجوهري ينفعه.🌷
من مثنوي جلال الدين البلخي الرومي