مناجات الحکم

الأوّل قبل أن يُخلَق الإنسان الطيور والأشجار والأرض والأفلاك كان الحق موجوداً… ولا شيء سواه منذ الأزل… ذاك الذي ليس قَبله وقت وزمن فلم يكن حينها للوقت والزمن معنى كان العزيز موجوداً… وأراد أن يخلق الوجود ولأنَّه أراد… ولأنَّه يستطيع… خَلَق خَلق الوجود دون أخطاء بمنتهى الدقة و الإبداع خَلقٌ …

المؤخر في بحيرة ماء عذب وضع اليعسوب بيوضه تحت الرمال على أمل أن تخرج منها يعاسيب ملوّنه تطير وتجول الأجواء بخفة ومرح مرّت الأياّم… وتحولت البيوض إلى حوريات ثم مضت أيّام وشهور وهم لا يزالون كما هم… يعيشون في الماء يطرحون جلودا ويلبسون أخرى يصبحون ويمسون… بانتظار اليوم الموعود ذلك …

المقدم قبل أن يحلّ ضيفاً على هذه الدنيا أودعوا فيه ماسة سماوية… لها شكل فريد كل يوم تغني لحنًا جديدًا… لأغنية قديمة تدعوه لأن يُخرجها من قوقعتها… ويصقلها ثم يضعها في المكان الذي خُصّص لها… منذ زمن بعيد منذ يوم أخذ العهود فهناك زاوية من هذا العالم لا تُضاء إلا …

المقتدر في فجر يوم جديد بعد أن نادى المؤذن القلوب لتناجي المعشوق مرّت رياح لطيفة منعشه حملت معها سحبًا بيضاء خفيفة تخللتها صفحات من زرقة السماء… وسلام من الشمس جالت مدناً وقرى… تنظر إلى حركة الناس من بعد سكون الليل وتسمع زقزقة العصافير وصهيل الخيول تأملت… كيف أوجد الخالق في …

القادر في نقطة بعيدة من هذا الكون نظرت مجرّة لنفسها وتأمّلت عظمتها وسعتها وجلالها فانبهرت… وكأنَّها ترى نفسها لأول مرة فكّرت مع نفسها ملايين السنين… وأنا أدور في هذا الاتجاه وتدور معي مليارات النجوم التي أحتضنها وتلك الثقوب السوداء… التي تبتلع كل شيء يقترب منها حتى لو كان ضوءًا عابراً …

الصَّمد منذ أن تزوّجا لأكثر من عقد… لم ينفكّا يتشاجران كلّ منهما يُريد إثبات أحقّيته في كلّ شيء… وأيّ شيء كلّ حدث هو قابل للجدال والاختلاف والخلاف وبعد الجدال هناك خصام يبتدؤه المنتصر… ويتبعه الآخر وفي هذه الفترة… يعمل كلّ منهما ما يستطيع لكي يكتفي ذاتياً مادّياً… ومعنويّاً… وعاطفيّاً لكي …

الواحد الواحدُ الأحد… تعجزُ عن إدراكه العقول وفهمه الأذهان… وتصوّره الخيال فليس له شبيه ولا مثيل… وليس له ثان ولا تكرار فاستلهم من الواحد… أن تكون في هذه الدنيا بلا تكرار فلا تصبح مثل أغلب الناس يأتون إلى هذه الدنيا… ويرحلون ولا تتعدى أحداث حياتهم هذين الحدثين وبين هذا الحدث …

الماجد في غابة استوائية جميلة اجتمعت المخلوقات معاً في مكان واحد كلّ منهم نشد نشيداً عن أمجاده بعضهم رآه في سلوكه… وبعضهم في مهاراته بعضهم في جماله… وبعضهم في قدراته وبعضهم في أصله ونسبه فالفراشات تغنّت بجمالها ورقتها والسنوريّات بمرونتها ورشاقتها والحشرات بتنوعها ودقتّها وبقيت الزواحف والطيور تتحاجج وتتشاجر فكلّ …

الواجد جال الحوت المتجبّر أعماق البحار أخذ يعدّ ويحسب كل ما هو أضعف منه من شعاب مرجانية وأسماك وزواحف بحرية نباتات وأصداف وحيوانات برمائية شعر بأنّ لديه سيطرة على أمور كثيرة فأراد أن يعرف ويدرك مقامه وما حوله فبدأ يسأل نفسه أسئلة… وكرّس حياته ليحصل على أجوبة لها كم نوع …

القيّوم اعتلّت صحته مرّة أخرى فأخذوه إلى المستشفى أوصلوا به أجهزة معقدة… لتحلّ محلّ عمل جزء صغير من جسمه فكليته لم تعد تستطيع العمل ملُقى هو على سرير أبيض… بوجه ذابل أصفر نظر إلى نفسه… وكلّ تلك الأجهزة التي تعمل لأجله تساءل: كلّ هذه الأجهزة تعمل عمل ذلك الجزء الصغير …