كل واحد منهم يعتقد بأنّ وجوده مصدر خير لتلك القرية

كل واحد منهم يعتقد بأنّ وجوده مصدر خير لتلك القرية،

فهم من المتعلمين فيها،

وأكثرهم حديثًا عن الورع والتقوى،

وأشدهم قدرة وإصرارًا على الجدال والمناورة من أجل إثبات الرأي.

وهم يفعلون ذلك اعتقادًا منهم بأنّهم أناس خيرون يريدون صلاح أهل القرية الذين لا يفقهون كثيرًا،

ذلك الصلاح الذي يجب أن يكون بطريقتهم هم،

ويجب على أهل القرية اتباع طريقتهم من أجل صلاحهم.

فيستغلون طرق ترغيب وترهيب وإجبار بحسب المواقف والظروف،

وإن سألتهم: لماذا؟

يقولون: بأنّهم هم يمتلكون الحقيقة،

وبأنّهم يعرفون طريق الصلاح،

ولن يهدأ لهم بال حتى يروا الناس تمضي على ذلك الطريق.

 

وأنا وأنت…

ليس واجبنا في هذه الدنيا أن نجبر الناس أن يكونوا خيّرون،

وأن يأخذوا قراراتهم بناء على أسس قيمية،

ولكن واجبنا هو أن نهيء البيئة التي تساعدهم على ذلك.

وأول خطوة وأهمّها وأكثرها تأثيرًا في سبيل ذلك هي أن نجسّد نحن ذلك الخير وتلك القيم.

فنمضي دون توقف في الطريق الصعب الشائك المؤدي إلى تهذيب النفس،

والتفكير في خلق الله وما يريده الله من هذا الخلق كلّه،

ونعكس ذلك في أفعالنا،

ونرى أنفسنا جزء مؤثرًا متأثرًا من هذا الكون نحمل مسؤوليّة جمّة.

فذلك يرفع من وعينا،

ويشحذ تفكيرنا ويوازن مشاعرنا،

ويساهم في اتخاذنا لقرارات أكثر إنسانية،

قرارا تأخذ بالاعتبار ما يؤسس لصلاح الكون أيضًا وخيره، وليس ما يؤسس لصلاحنا نحن فحسب وخيرنا.

 

ولكي نتمكن فعلًا من أن نهيء البيئة المحفزة للصلاح،

هناك اختبار علينا أن نقوم به في المواقف الكبيرة والصغيرة.

أن نقرأ قلوبنا… خاصة عندما نمتلك علمًا أو نقوم بعمل جيّد ونعجب بما لدينا،

أن نقرأ قلوبنا لنتيقّن بأن لا يخالج دواخلنا شائبة بأنّنا أفضل من أحد في شيء،

بل نرى بأنّنا في نعمة من الله ومنّة منه بأن أنعم علينا أن نتعلّم ونخلق خيرًا.

 

ونتذكر بأنّ هناك دائمًا أناس خيرون يعملون الخير أكثر منّا بكثير،

ربّما كانوا مجهولون بالنسبة لنا، أو أنّنا نعرفهم ولكنّنا نجهل شأنهم،

فهم يبدون اعتياديون جدًا، ولكنّهم أصحاب قيم إنسانيّة ومبادئ راقية جدًا.

ووجودهم وعملهم كان سببًا في زرع بذرة خير بداخلنا.

فهناك الكثير من بذور الخير بداخلنا لا نعرف من نثرها ومن زرعها.

“وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها”

والحمد لله رب العالمين.🌷