زمزمه عـرفان مطالب تربيتي، عرفاني و اخلاقي و كتابهاي سركار خانم طاهره سادات زرگرمرادي
أصاب أمهم مرض أقعدها،
فتبرأ كل واحد من أبنائها من مسؤولية رعايتها.
فأولادها تعذروا بانشغالهم خارج المنزل وصعوبة الزام زوجاتهم برعايتها،
بينما تعذرت بناتها بانشغالهم بأسرهم وصعوبة زيادة الثقل على أزواجهن،
ماعدا بنت واحدة.
أخذت والدتها لديها واعتنت بها بكل محبة،
وصارت تعمل ساعات أطول في يومها لتوفق بين عملها ووالدتها وأسرتها،
وبقيت أمّها لديها لسنوات معززة مكرمة لا يزورها أبناؤها إلا في مناسبات قليلة.
وعندما اختارها الله إلى جواره،
قال الأبناء لأختهم تلميحًا وتصريحًا: أن لو اعتنيتي بأمّنا بشكل أفضل، لعاشت مدة أطول.
وأنا وأنت…
لنا أن نتأمل ونتدبر…
نتأمل ونتدبر كيف أنّ تركنا لواجباتنا الإنسانية والأخلاقية يجعل منّا أناس قساة،
أناس شحيحي الرحمة.
ففي كل مرة تنادينا فطرتنا التي فطرنا الله عليها لتلبية نداء الواجب،
ذلك النداء الذي تتيقنه قلوبنا وإن حوّره وقلبه منطقنا،
نحن نكون بحاجة لأن نُخمد صراخ نداء الواجب وإلحاحه.
فلا نُبقي لأنفسنا سبيل سوى أن نختار دروبًا ملتوية نقنع بها أنفسنا بأنّنا خيرون ولسنا عاقون.
فنبحث عن الشر والعقوق في الآخر،
ذلك الآخر الذي وجوده مرآة لنا،
والذي عمله يذكرنا بإدبارنا عن قيمنا.
فنلصق به ما لا نحبه في أنفسنا.
لماذا…؟
ليشعر هو بالانكسار والخجل بدل منّا،
فنعيش نحن راحة وهمية بأنّنا نحن الخيرون الذين يتحملون بلطفهم هؤلاء الذين لا يقومون بواجباتهم كما يجب.
ونتحول في أذهاننا ضحايا لهؤلاء الذين ذنبهم الوحيد أنّهم مثلوا الصورة الجميلة التي عجزنا نحن عن صنعها في أنفسنا.
ولنستطيع أن نصنع قدرنا الذي يريده الله لنا،
علينا أن نفر إلى الله.
نفر إليه من التنصل… إلى تحمل مسؤولية الواجب الإنساني والأخلاقي،
بل والتضحية من أجل ذلك الواجب أيضًا.
فذلك يغرس في قلوبنا رحمة ومحبة للآخر،
وقبله رحمة ومحبة للإنسان بداخلنا،
ذلك الإنسان الذي كرّمه الله بلطفه وحكمته.🌷