مناجات الحکم

قدرة الحبّ في الإنسان لا حدود لها وهي تزداد وتتعمّق بإعطاء الحبّ للآخرين. الحبّ لا يكون حقيقيّاً إلا حين يكون صافياً لا شائبة فيه، ولكي يكون كذلك عليه أن يكون حبّاً لأجل من نُحب وليس لأجل الذات، فمحبّة شخص لأجل إنسانيّته، يفتح لنا أُفقاً في تجربة الحبّ الذي يتّسع في …

خمسون زهرة من بستان الحب فُطرنا جميعاً على قدرات لا متناهية من الحبّ، ومهما كانت إمكانياتنا وذكاؤنا ومهاراتنا، فإنّ قلوبنا تحمل نبعًا من الحبّ لو أهدينا منه إلى كلّ مخلوق في العالم، لما نقص منه ذرّة، بل على العكس، فهو الشيء الوحيد الذي كلّما أُخذ منه ازداد وتعمّق، وإن بقي …

  بقدر استدامة الصفح في حياتنا تكون استدامة السلام في أنفسنا. الكون قائم على متانة العلاقات بين أجزاء الذرّات والجزيئات والكواكب والمجرّات، والحياة الإنسانية هي جزء من تركيب الكون وهي قائمة على متانة العلاقات بين الأفراد والأسر والمجتمعات، والتحامل يقوم بدور تفكيك تلك العلاقات وإبعاد الأفراد عن بعضهم البعض، بينما …

التحامل والانتقام خيارات تقلّص إنسانتنا والصفح يسمو بها. إنّ حاجة أرواحنا للصفح هي كحاجة أجسادنا للهواء، فالهواء نحتاجه في كل لحظاتنا ولا نختار الوقت الذي نسمح له بالدخول والوقت الذي لا نسمح له، فهو عمل أصبح جزءًا من وجودنا، كذلك الصفح، فلكي يسمو بنا إنسانياً لدرجة نستطيع بها أن نعيش …

الصفح يوقف انتشار البقع السوداء التي ينتجها التحامل من مكان لآخر. عندما نتأذى من شخص ونتحامل عليه، لا يكون أمامنا سوى ثلاث خيارات، إمّا أن نبقى نتحامل عليه وهذا قد يولّد الحقد والكراهية في قلوبنا تجاه هذا الشخص وربّما تجاه أحبّته أيضاً، أو أن نقرّر الانتقام وهو ما يعني أنّنا …

الصفح هو من أهم السبل لإبقاء القيم الإنسانية حيّة بداخلنا دون مساومة. حين نشعر بأنّنا أوذينا ونقوم بالتحامل على الشخص الذي آذانا ونرفض أن نصفح عنه، فإنّ هذا الأذى يكون بمثابة بقعة سوداء في قلوبنا، وحين نودّ أن نُرجع الأذى لمن آذانا، فإنّنا بذلك نفكّر بالانتقام، والانتقام هو عمل نُسخّر …

  الصفح هو إعادة صياغة الذاكرة وجعلها صافية نعيش معها بهدوء وسلام. عندما نصفح، فإنّنا نحيط أنفسنا بسدّ منيع نستشعر من خلاله قوّة السيطرة على أنفسنا، فهذا السدّ لا يسمح لتيّار الغضب ولوم الآخرين والشعور بالمسكنة بأن يجرفنا معه، فلا يؤثّر على تفكيرنا ويساوم قيمنا على البقاء، إذ لا يمكن …

  الصفح لا يسمح لذلك الذي آذانا أن يواصل تواجده في أذهاننا وفي حياتنا. الصفح هو إعادة صياغة الذاكرة لتكون إنسانية راقية صافية، وذلك من خلال القدرة على النظر للأحداث التي تصيبنا على أنّها جزء من حياتنا نحن، ووجودها في حياتنا ليس عبثاً، بل لسبب ما يساهم في تطورنا الإنساني، …

  لا يمكن للنفس أن تكون مطمئنّة والكره يجول بداخلها، ولا سبيل لاقتلاع جذور الكره غير الصفح. أولئك الذين آذونا أو غيّروا من حياتنا بالضرر الذي تسببوه لنا، وهم بعد كلّ ذلك لا يعتقدون بأنّهم قاموا بشيء لا نستحقّه، أو ربّما أسوأ من ذلك، فهم يعرفون الأذى الذي سبّبوه لنا …

  بمقدار الكره الذي نحمله تتقزّم أرواحنا وتبهت لأنها فُطرت على المحبة لا الكره. إنّ النفس التي تعيش الكُره هي نفس أسيرة في قفص من تكره، ولكنّه أسر خفي لا تعلم أنّها واقعة في فخّه، وهذا الأسر إذا ما طال أمده يُنسي النفس أنّها قادرة على الحياة والانطلاق والسمو الإّنساني، …