مناجات الحکم

  إبداعنا يصل إلى درجات عالية مع الانشراح، فيكون تعلّمنّا من الطبيعة أيضاً به إبداع. الطريقة التي نتكلّم بها مع أنفسنا والآخرين تؤثّر على مستوى الانشراح لدينا، ومستوى الانشراح لدينا يؤثّر على الطريقة التي نتكلّم بها، فتركيزنا على الجانب الخيّر والجميل في الشخص الذي نتكلّم عنه أو نفكّر فيه أو …

الفرق بين الانشراح والبؤس هو في النظرة التي على أساسها يفسّر الإنسان الحدث. حين نعيش الانشراح، نتعلّم بإبداع من كل شيء في الطبيعة، فمن الورود مثلاً، قد نتعلّم صلابة من القرنفل، وتوازنًا من اللوتس، وعشقًا من المحمدي، وتحدّيًا من السوسن، وحياءً من التوليب، ونقاءً من الياسمين، وتلاحمًا من البنفسج، وعطاءً …

الانشراح يقلّل من نسبة أخطائنا وزلاتنا، ويساهم في أن تكون قراراتنا ومشاعرنا أكثر حكمة واتزاناً. الإنسان البائس يرى في الشرنقة دودة مسجونة تشقى وتنتظر انتهاء أيام سجنها بأسى، بينما يرى المنشرح في الشرنقة فراشة تتكوّن، تبني قوّتها وتؤسّس لحياتها التي ستكون مختلفة تماماً عمّا هي عليه، مع أنّها لا تفهم …

  إنّنا نعيش الانشراح حين نعوّد أبصارنا وقلوبنا لتنظر وتستشعر الحبّ والجمال في الحياة. حين نعيش الانشراح، فإنّنا نرى حقائق الأمور بشكل أوضح، وندرك جوانب القوّة والضعف والتحدي فينا بطريقة أكثر واقعيّة، ونقيّم الناس بحسب ما هم عليه، دون انتقاص منهم أو غُلو، ونستشعر فرص الحياة و نتلمّسها، فنستطيع أن …

  الانشراح كالعسل الذي يقي من ضعف النفوس، ويساعد على شفائها إن مرضت. البؤس هو تراكم من فقدان أشياء جميلة كالحب والجمال، فحين يفقد شخص حبّاً في حياته كان يعتقد أنه أساسيًّ وثابت ومستدام، كحبّ أحد والديه أو زوجه أو عزيز لديه، وحينما يواجهه الآخرون بقبح الخيانة وجرح المشاعر والكذب …

  الانشراح يعطينا طاقة موجّهة لبدء يوم جديد نسير معه للمكان الذي نحلم ونريد. يُبنى الانشراح في وجودنا كما تُبنى خليّة النحل، فكلّ محبّة ننشرها أو خير نعمله أو قيمة إنسانيّة نحييها، هي كنحلة تأخذ هذا الرحيق الخالص الصافي وتحوّله إلى شهد بداخلنا تستطيع أرواحنا أن تتذوّقه، ويتذوق قطرة منه …

الأحداث فرص لاستخلاص دروس لسمو الإنسان بداخلنا، وهذه النظرة تجعلنا لا نفارق الانشراح. الانشراح هو الذي يعطينا الطاقة اللازمة للاستيقاظ صباحاً ونحن مقبلين على الحياة مستعدّين لاستقبال يوم جديد، نمضي معه بقارب حياتنا إلى المكان الذي نحلم به ونأمل، فنسير في هدوء البحر، وحين يرينا البحر وجهه الآخر وتعصف بنا …

  استحضار الصورة الكلية لوجودنا في الحياة يساعدنا على الحياة بانشراح. الأحداث التي تحصل لنا تُعلّمنا دروساً نحتاجها لكي نكون أقرب مما خُلقنا من أجله، وحين لا نتعلّم من الأحداث مغزاها، ولا نستسقي منها سوى تفاصيلها والمشاعر المصاحبة لها، فإنّ الأحداث سوف تتكرر وتتكرر حتى نتعلّم الدرس، وإن أصررنا على …

تذكّر النعم وتقديرها وشكرها قبل النوم، يعمل على تقوية جذور الانشراح طوال ساعات النوم. سرّ الانشراح هو القدرة على النظرة الكلّية للحياة وليس الجزئية فقط، فمن لا يرى سوى الحدث ويتفاعل معه، يستولي ذلك الحدث على وجوده، فإن كان حدثاً محزناً أو مؤلماً، فإنّه يشعر بأنّ تلك المشاعر تحتويه وتحيط …

  وحده العمل بما يتناسب مع فطرتنا وإنسانيتنا هو الذي يوصلنا للانشراح المستدام. حين نتهيّأ للخلود إلى النوم، يكون لدينا خيار بأن نضع رؤوسنا على الوسادة ونترك العنان لأذهاننا بأن تبحر في المكان الذي تريد حتى يطبق علينا النوم، أو أن نتذكّر صعوباتنا وهمومنا ومخاوفنا وظلاماتنا حتى يغلبنا نوم ممزوج …